]بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
لقد وقف الإسلام من قضية العلاقة بين الخاطبين موقفاً مشرفاً متوازناً ,
حيث لم يقر المتزمتين وأدعياء التعصب الجاهل الذين يحولون بين الخاطبين ورؤية بناتهم بدعوى شدة المحافظة
وبين أصحاب الاتجاهات الإباحية التي تتجاوز بعلاقة الخاطب مع المخطوبة كل الحدود
والأطر التي رسمها الشارع الحكيم .
فلقد أباحت الشريعة الإسلامية للخاطب أن يرى المخطوبة وأن يجلس معها وأن يتحدث إليها
شريطة أن يتم ذلك كله في إطار من الشريعة وحدود أحكام الإسلام وتعاليمه .
فالمخطوبة في هذه الفترة أجنبية عن الخاطب ,
فيحرم عليه الخلوة بها مخافة الوقوع في المعصية والتعرض لسوء الظن وتعريض شرفها وعفافها وسمعتها للإهدار .
وإننا إذا نظرنا إلى أرض الواقع وجدنا أن هناك ممارسات غير شرعية بين الخاطبين
تقوم على إطلاق العنان للفتى والفتاة في فترة الخطبة للخلوة والسفر والخروج إلى الأماكن العامة
وارتياد الأسواق بلا محرم ولا حدود ولا قيود .
وذلك لأن الخطبة في المفهوم الإسلامي ليست عقداً شرعياً لا تعدو كونها مقدمة للزواج
ووعداً به ولا يُغير من هذه الحقيقة ما جرى به عرف الناس من قراءة الفاتحة أو لبس الشبكة أو دفع المهر ...
وهذا ما صرحت به المادة (3) من قانون الأحوال الشخصية حيث نصت على أنه :
لا ينعقد الزواج بالخطبة ولا بالوعد ولا بقراءة الفاتحة ولا بقبض أي شيء على حساب المهر ولا بقبول الهدية .
وبناء على ذلك نقرر ما يلي :
1- لا يجوز للخاطب مصافحة المخطوبة في هذه الفترة ولا لمسها ولا حتى تلبيسها خاتم الخطوبة قبل العقد .
2- يحرم على المخطوبة أن تُظهر أمام الخاطب في هذه الفترة سوى وجهها وكفيها ؛
وكما لا يجوز لها لبس الملابس القصيرة والبنطال , إنما يجب عليها لبس الجلباب وغطاء الرأس .
3- لا يجوز للمخطوبة أن تسافر مع الخاطب لوحدها بلا محرم أو مجموعة نساء ثقات . 4
- يجوز للخاطب أن يجلس مع مخطوبته في غرفة لوحدهما على أن تكون الغرفة مفتوحة والأهل موجودون في البيت ,
وشريطة أن لا تجلس بمحاذاته .
5- يجوز للخاطب التحدث مع مخطوبته بالهاتف وغيره من وسائل الاتصال كالشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) ,
على أن يكون الكلام جاداً مجرداً عن معاني الهوى والرذيلة .
لذا ينصح لكل من الخاطبين أن يعقدا العقد الشرعي منذ البداية الأولى للخطبة تلاشياً لهذه المحظورات والمخالفات الشرعية .
وكما أننا ننصح الأهل في الحفاظ على علاقة الخاطب بابنتهم في إطار المشروع وذلك عن طريق :
أ- عدم إتاحة الفرصة للخاطب أن يخلو بابنتهم وعدم توفير الظروف التي قد تفضي بهما إلى الفساد .
ب- الإسهام في عملية الإسراع في الزواج عن طريق تذليل عقباته من مهر باهظ ونفقات كثيرة .
ذلك أن طول فترة الخطبة قد يصاحبه متغيرات اجتماعية وثقافية تقلّب القلوب وتغيّر النفوس ؛
فإطالة خطبة – كما يقول فضيلة د. القرضاوي – تعني فسخ خطبة .
فترة ما بين العقد والزفاف :
إذا تم عقد الزواج فلا يتبعه في الغالب الزفاف وانتقال الزوجة إلى منزل الزوجية مباشرة ,
بل يفصل بين العقد والزفاف مدة من الزمن ,
ومن الأمور التي يجدر التنبيه إليها من حيث علاقة الزوج بالزوجة وأهلها خلال هذه الفترة ما يأتي :
أ- أنه يستحب للعاقد أن يداوم على زيارة الزوجة دون إثقال , تأليفاً لقلبها وتمكيناً للعلاقة بينه وبينها وبين أهلها .
ب- أنه من المستحب أن يقدم لها الهدايا خلال هذه الفترة تعزيزاً للعلاقة بينهما ,
وأن يدعوها وأهلها إلى طعام في بيته على أن يكون ذلك في حدود الطاقة وعدم التبذير ؛ توثيقاً لأواصر الألفة والمودة معهم .
ت- أن الرجل وإن كان يرتبط مع المرأة بعلاقة شرعية وعقد صحيح , وأن أول آثار هذا العقد هو الاستمتاع والمعاشرة ,
إلا أن مما تمليه المروءة والخلق الكريم ومراعاة الأعراف والعادات الحسنة
أن يحذر الرجل من الوقوع تحت تأثير غرائزه مدفوعاً بجو الخلوة فيقدم على معاشرتها ,
فإن لذلك آثاره الخطيرة على مستقبل علاقتهما , إذ ربما يتغير قلبه عنها فيملها ويتركها .
لذا ينبغي ألا يأخذ الشاب والفتاة الحرية المطلقة بهذه الفترة ليفعلا ما شاءا وكيفما شاءا دون ضابط ولا قيد لعلاقتهما ؛
بحيث يطلق لهما العنان ليخرجا أينما شاءا بلا مرافق وليعودا في ساعات متأخرة من الليل دون سؤال رادع ؛
لأن ذلك ربما يبذر بذور الشك والريبة في النفوس ؛ وحينئذ يحدث ما لا تحمد عقباه من النتائج .
ومن هنا نرى أن تقيّد علاقة الشاب والفتاة في هذه الفترة بالعرف وبما تمليه المروءة والأخلاق .
فله أن يتحدث معها عبر وسائل الاتصال كالخلوي والشبكة العنكبوتية والهاتف والمراسلة ...
ويستحسن عدم إطالة المحادثات إلا إذا دعت إلى ذلك مسوغات .
ولهما أن يجلسا بغرفة لوحدهما وان لم يتواجد طرف ثالث , لأن هذه ليست خلوة محرمة .
وكما أن للفتاة أن تتبرج أمام الشاب في هذه الفترة وتتجمل له وتستعطر وتتزين له ,
ويستحسن أن يكون ذلك في فترات متباعدة ، استبقاءً لعنصر الاشتياق .
ونذكر كلاً من الشاب والفتاة باستغلال واستثمار هذه الفترة لدراسة أحدهما الآخر عن قرب ليزداد معرفته به
ولفهم شخصيته وعقليته بصورة بعيدة عن التكلف والتصنع ,
إنما ينبغي أن يظهرا على سجيتهما وحقيقتهما فإن ذلك أدعى لنجاح الحياة الزوجية واستمراريتها فيما بعد .
وكما لا بد من الإسهام في عملية الإسراع في الزفاف عن طريق تذليل عقباته من نفقات كثيرة وتكاليف باهظة .
والله تعالى أعلم
منقول من منتدى عمرو خالد